الجناس لغةً: هو الضّرب من كلّ شيءٍ، ويُقال هذا يُجانس هذا: أي يُشاكله ويُطابقه في الجنس، وجنس الشيء: أصله الذي اشتقّ منه وتفرّع عنه، واصطلاحًا: هو تشابه اللفظين في النطق واختلافهما في المعنى، وذلك على نحو قولهم: حيّهم ما دمْتَ في حيّهم، فإنّ "حيّهم" الأولى بمعنى "ألقِ التحيّة عليهم"، وأمّا الثانية فهي بمعنى "مكان سكنهم"، وقد سُمّي الجناس بهذا الاسم لأنّ تركيب حروف ألفاظه من جنسٍ واحد.1
الفرق بين السّجع والجناس فهو أنّ السّجع تطابق فواصلِ الكلم على نفس الحرف والضّبط، فتكون كل واحدة من الكلمتين تدلّ على معنًى غير الذي تحمله الأخرى، وذلك نحو: "تأبى القلوب للأسخياء إلّا حبًّا، وإن كانوا فجّارًا، وللبخلاء إلّا بغضًا، وإن كانوا أبرارًا"، أمّا الجناس فيكون بين لفظين ولا يُشترط به أن يقعَ في موقعٌ محدّدٌ من الجملة.2
إن الجناس أحد المحسنات البديعية الّتي استخدمها العرب لتحسين معانيهم وألفاظهم، كانت وظيفة الجناس تزيين اللّفظ في الجمل، فبوساطته يعود للمتلقي اللفظ ذاته بمعنى مختلف، وهنا تحصل الفائدة منهما، ويتفاجأ المتلقّي بما بين يديه، ويُرسّخ المعنى لدى المتلقّي ويُشدّ انتباهه نتيجة التّماثل في الصّورة.
أنواع الجناس
للجناس أنواعٌ متعدّدةٌ، يُنظر إلى كلٍّ منها بحسب حروفه وأنواعها، وعلى ذلك ينقسم الجناس إلى قسمين رئيسَين، هما جناس تام وجناس ناقص، وكثيرًا ما يسأل الدارسون: ما الفرق بين الجناس التّام والجناس الناقص؟، فيما يلي الفرق بينهما
الجناس التام هو ما اتّفق فيه اللفظان في أربعة أمور، وهي: نوع الحروف وعددها وترتيبها وهيئتها "أي حركاتها وسكناتها"، ومثاله في الشعر في هذا النوع قول البحتري: إذا العَيْن راحت وهي عَيْنٌ على الهوى فليس بسرٍّ ما تسرُّ الأضالع
العين الأولى بمعنى "العين الناظرة" والثانية بمعنى "الجاسوس"، وكقولهم أيضًا: "لو هويتَ الاجتهاد ما هويت"، فهويت الأولى بمعنى "أحببت" أمّا الثّانية فهي بمعنى "أخفَقتَ".
الجناس الناقص يُقال في تعريف الجناس الناقص أنّه ما اختلف فيه اللفظان في واحدٍ من أربعة أمور، وهي نوع الحروف أو عددها أو ترتيبها أو هيئتها "أي حركاتها وسكناتها"
أمثلة للجناس الناقص:
1ـ اختلاف في حرف:
"فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر"
تقهر ـ تنهر جناس غير تام لاختلاف في حرف.
2ـ اختلاف في حركة:
"هلا نَهَاكَ نُهَاكَ عن لوم امرئ"
نهاك ـ نهاك جناس غير تام لاختلاف في الحركة.
3ـ اختلاف في الترتيب:
"إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي"
"بين ـ بني" جناس غير تام لاختلاف الترتيب.
4ـ اختلاف في عدد الحروف.
إن البكاء هو الشفاء من الجوى بين الجوانح
"الجوى ـ الجوانح" جناس غير تام لاختلاف عدد الحروف.3
المصادر
1ـ علي الجارم، مصطفى أمين، البلاغةُ الواضحةُ، القاهرة:المعارف، صفحة 263.
2ـ علي الجارم، مصطفى أمين، البلاغة الواضحة، القاهرة:المعارف، صفحة 263.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق